Thursday, January 8, 2015

الجراح الخفيَّة لحرب العراق





مارلين بيكتل Marilyn Bechtel
ترجمة : فتح كساب
مع اقتراب حلول الذكرى الخامسة لحرب العراق, يُضاف إلى القائمة التي تحوي 4000 جندي أمريكي  قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى , أعداد متزايدة من الجنود والمحاربين الذين خاضوا معارك ويعانون من إصاباتً نفسية .
وفي تقريرها الصادر  في كانون ثاني 2008 والمُعنّوَن " جراح الصحة العقلية :الجراح الخفية للحرب"  قالت مؤسسة محاربي العراق وأفغانستان الأمريكية " إن معدلات مشاكل الصحة العقلية بين الجنود المحاربين عالية كما أنها في ازدياد . وبوجود 1.5 مليون من العاملين الذين خدموا في العراق وأفغانستان , وبواقع أن 1 من كل 3 أفراد من المحاربين يُتوقع أن يعانوا من مشاكل نفسية مثل الإحباط والقلق المَرَضي والصدمات الانفعالية الناتجة عن المعارك التي خاضوها  , فإن 500 ألف رجل وامرأة سيعودون للوطن مصابون بإصابات نفسية ناتجة عن المواجهات العسكرية" .
ويضاف إليهم 300 ألف محارب خدموا في العراق , وهم يعانون صدمات عقلية قد لا تكون لها علامات واضحة كما أنه من الصعب تمييزها عن الإصابات النفسية.
إن معاناة الجنود وعائلاتهم كبيرة. وقد نَشَرَ الجيش إحصائية مفادها أن خمسة جنود يحاولون الانتحار يوميا , في حين كان الرقم قبل بدء حرب العراق محاولة انتحار واحدة يوميا . واستناداً إلى  تقرير جمعية محاربي العراق وأفغانستان الأمريكية , فإن خُمس الجنود المتزوجين الذين يخدمون في العراق يخططون للطلاق, كما أن 40 ألف من الجنود المحاربين في العراق وأفغانستان عولجوا من حالات إساءة بالغة.
وتُظهر إحصائيات الجيش أن الجنود الذين يتم إعادة نشرهم مرات عديدة يعانون بنسبة 50% أكثر من غيرهم من ناحية مشاكل الصحة العقلية.
ونتيجة لتراجع قدرة أنظمة رعاية العسكريين والمحاربين المتزايدة , فإن مئات الآلاف من الجنود والمحاربين الجرحى ينتظرون الآن أشهراً وحتى سنوات للحصول على المساعدة الطبية وتعويضات الإعاقة الناتجة عن الإصابة.
كيف يُمكن عكس هذا المد؟
أجاب على هذا السؤال مايكل   مِكفيرسون Michael McPhearson , المدير التنفيذي لمؤسسة محاربي  سينت لويس للسلام ومحاربي حرب الخليج الأولى في مقابلة هاتفية أُجريت معه. يقول:"أول ما نحتاج القيام به هو وقف هذه الحرب ووقف خلق المزيد من هذه المشكلة. ورغم أن الرعاية المقدمة للجنود والمحاربين لم تكن يوماً كما ينبغي , فإن إدارة بوش فشلت في التنبؤ بطول مدة  الحرب ونوع الإصابات التي ستُحدِثها. ولأنهم لم يخططوا شيئاً , فإن الحرب تُكلِّف أكثر مما توقعوا. ولذلك فهم يبحثون عن سُبُل لتخفيض ما أمكن من النفقات على جوانب أُخرى مثل الرعاية الصحية للمحاربين . وأضاف أنه هناك نقص حاد في أعداد المُعالِجين لمشاكل الصحة العقلية. وقد حثَّ  ِمكفيرسون  الناس في أنحاء البلاد " على الانخراط في القضايا المحلية" كي يساعدوا على حل مشاكل مناطقهم تحديداً" فالناس قلقين لما يحدث مع المحاربين لكنهم لا يملكون الموارد الكافية للتعامل مع المشاكل. كما أن المحاربين العائدين لا يُعطوَن في الغالب ما يكفي من معلومات حول المساعدة المتوفرة لهم" .
أما إلي بينتدكرو Eli Painted Crow – وهي متقاعدة عسكرية برتبة رقيب أول خدمت مدة 22 عاماً جزء منها في العراق- فقالت "لا يعرف الجنود أنظمة إدارة مديرية المحاربين العائدين , لذلك إذا صعُبت عليهم الأمور ولم يجدوا من يساعدهم على تخطي المشكلة ويوضح لهم الفوائد , فإنهم ببساطة يقولون ( انس الموضوع).
و بينتدكرو عضو في Yaqui Nation وتسكن في California’s Central Valley وأضافت أن أعداداً كبيرة من الجنود العائدين إلى المناطق الريفية يُضطرون للسفر ساعات طويلة للوصول إلى مراكز برامج خدمات المحاربين في المدن.
إن 10% من الجنود المنتشرين في العراق وأفغانستان من النساء ومن بين هؤلاء 16 ألف أُم غير متزوجات.
وقالت بينتدكرو " عندما تكون هؤلاء مقيمات في بلدات صغيرة وتحاولن الوصول إلى مراكز رعاية المحاربين من سيساعدهن في رعاية الأطفال؟ ومن سيساعدهن في معالجة صدماتهن العقلية والانفعالية الناتجة عن الاشتباكات , وكل همهن رعاية الأطفال؟ يجب على المجتمعات المحلية أن تقوم بشيء , لا نستطيع انتظار مؤسسة المحاربين"
وتضيف بينتدكرو  أن الجنود الملونين من الجنسين يواجهون مشكلات العنصرية الدائمة مستخدمة تجربتها الشخصية مع قائدتها البيضاء مثالاً لذلك , والتي أخبرت جنوداً من ذوي البشرة السوداء والحنطية أنهم إذا دربوا بدلاءهم البيض جيداً يمكنهم العمل معهم مساعدين لهم .
وقد أكدت بينتدكرو و مِكفيرسون على المشكلات  الخاصة التي تواجه المجندات اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي وذلك إما بتجاهل شكواهن أو التغطية عليها.
وقالت  بينتدكرو   إن شبكة عمل خدمات المرأة Service Women’s Action Network (SWAN), والتي ساعدت على تأسيسها , تؤكد على " فتح الأبواب" للمجندات للتواصل " لعلاج الجراح الغائرة في أنفسهن" . والعديد من قائدات الشبكة هن من" النساء الملونات أو السُحاقيات اللواتي يشعرن بانعدام التواصل في أي مكان آخر. وهذا لا يستند إلى الرتبة أو مكان الخدمة , وإنما يستند إلى من تكونين كامرأة وما هو المهم لكِ وكيف يمكننا تفعيل ودعم ذلك"
وقد وضعت مؤسسة محاربي العراق وأفغانستان الأمريكية برنامجاً تشريعياً بعيد المدى لمواجهة المشاكل التي تواجه المحاربين العائدين بما في ذلك ضمان برنامج "دقيق وموثوق" للصحة العقلية وإصابات الصدمات العقلية  لكل القوات قبل وبعد الاشتباكات , وتمويل مؤسسة المحاربين للرعاية الصحية بالكامل , وتحسين نظام حالات الإعاقة التي تُصيب العسكريين والمحاربين وإصدار قانون مُعدل للقانون الصادر إبان الحرب العالمية الثانية.
1\12\2009
المصادر

الصبر ....إلى متى ؟



فتح كساب
تقول إحدى الحكايات الهندية القديمة أن" ملكاً متجبراً حكم الهند بالحديد والنار متجاهلاً مشاعر العوام مضطهداً النخبة وخاصة الفلاسفة والعلماء. وكان ذلك الملك ذكياً يتنبأ بسلوك الناس عن طريق " العسس والبصاصين" الذين عينهم وزيره ليجمعوا له نكات الناس المتعلقة بتجبر الملك وحاشيته وفسادهم المتزايد وجشعهم الذي لا يعرف حدوداً. وفي أحد الأيام حضر الوزير باكراً ليخبر سيده أن بصاصيه لم يسمعوا أي نكتةٍ منذ أسبوعٍ مضى, فأٌصيب الملك بالذعر وأمر خدمه بالإعداد لرحلة بلا عودة , فاستهجن الوزير منه ذلك وتساءل عن السبب فأجاب الملك أن الناس وصلوا مرحلة اللاعودة وأنهم إن أمهلوه اليوم فلن يمهلوه غداً وصار من الأجدى له أن ينجو بحياته قبل أن تصل إليه أيدي المظلومين والبائسين الذين لم يبقَ لديهم ما يخافونه" .
لقد قمت بنقل هذه الحكاية التي قد تكون غريبةً وثقيلةً على أسماع المواطنين العرب الذين لم تحركهم ديكتاتورية ولا أحزاب ولا مثقفون ولا شعر ولا نثر ولا حتى إطارات "دنلوب" التي قالت عنها صباح جزائري في مسرحية "كاسك يا وطن " بأنها تعبر أوعر الطرقات حتى طريق الوحدة العربية.
هل ما يحدث للناس أمر عادي لا يستحق الحديث فيه في القرن الحادي والعشرين؟
هل لامبالاة الناس تجاه ما يعانونه رد فعل بشر أم حيرة اللابشر؟
بدأ الأمر بالحكم باسم الله عندما قال عثمان " لا أخلع قميصاً سربلنيه الله" ,عندما طلب منه التنحي عن الحكم بسبب ظلم وفساد الولاة من أقربائه وأنسبائه, ثم تحول إلى حكم التجار مع معاوية ثم تراجع ليصبح قبلياً مع مروان بن الحكم وخلفائه ثم عاد باسم الحق الإلهي مع العباسيين ومن تلاهم حتى وصَلَنا هذه الأيام وشرعيته الوحيدة التي يحكم باسمها القوة والبطش.
والسؤال الملحُ على الطرح أين كان الناس من كل ذلك؟
لم يكونوا إلا في ساحة الحرب وقوداً لها يدافعون عن ديكتاتور ليحل محله آخر أقدر منه على ابتكار وسائل جديدة في التسلط والقهر والنهب دون أن يكون لهم إلا المغرم , أما المغنم والطاعة فهو لمن غلب بالسيف كما أفتى الفقهاء أدام الله بقاءهم!.
لماذا تثور كل أمم الأرض لكراماتها وحقوقها ويبقى العرب بلا كرامة ؟
ماذا تبقى لنا بعد أن أصبحنا نُوَرّث لأبناء سادتنا كما تُورّثُ البهائم؟
هل ما نحن فيه صبّرٌ أم ذل استمرأناه وألفناه حتى أصبح عضوياً فينا؟
نُقهر في يومنا ألف مرة ولا نشتكي ولا نتذمر , تُباع دُولنا وكرامتنا ونُعاملُ كأبقار المزرعة التي تُرسل إلى الجزار عندما تتوقف عن الحلب والإنجاب  ولا ننبس ببنت شفة , نُداس بالأحذية ونُضرَبُ بالهراوات إذا حاولنا التعرف إلى إنسانيتنا .
هل السبب كامن في الانتهازية التي تعلّمناها من أيام الهيام الصحراوي ؟ أم أنه الدين الذي كيّفه الفقهاء ليناسب مقياس جيوبهم وأهواء الحاكم ؟ أم لأن الحرية لا تُناسب عقولنا التي غُسلت وحُشيت بالذل والعبودية والطاعة العمياء وعدم طرح التساؤلات والبحث عن الإجابات الجاهزة حتى لو لم يكن لها أي معنى أو منطق تستند إليه؟.
لقد مللت من التفكير وطرح الأسئلة لأني لست معتاداً على النشاط الدماغي الإرادي , لذا أرجو المساعدة ممن لديه القدرة على التفكير لأكثر من خمس دقائق.
وشكراً.       
     
       2007