Thursday, December 26, 2013

عرض كتاب


الدولة العربية الإسلامية / الدولة والدين/ بحث في التاريخ والمفاهيم

 محمد سعيد طالب

 الطبعة الأولى 1997 الأهلية للطباعة والنشر.

عرض وتقديم

فتح كساب


ينقسم الكتاب إلى مقدمة و 15 فصلا تعالج مسائل الحكم وارتباطه بالدين منذ بدء الاستقرار الأول للبشرية . حيث يستعرض الكاتب في الفصول الخمسة الأولى تطور شكل الدولة القديمة مستخدما الأسطورة للحديث عن شكل الدولة ومراحل تطورها البطريركية والأمومية و الإله الابن. ويرى الكاتب ان الدولة النواة بدأت مع الاستقرار الزراعي الأول وأن الجماعة البشرية كان يتحكم بها وبفائض انتاجها الإله الأب ليصرف شؤون الجماعة مستخدما فحولته البدنية وإمكاناته العقلية إضافة إلى سيطرته على إنات الجماعة وتقنين اقتراب الذكور الآخرين منها. أدى هذا إلى تصاعد النقمة على الأب الأول أو الأب الإله حيث نشأ تحالف بين الأبناء الذكور والزوجات وقاموا بقتله. تأتي بعد ذلك المرحلة الأمومية وفيها سادت مشاعية الزوجات والأبناء وأدوات الإنتاج برعاية الأم الكبرى التي جعلت كل شئ حرمه الأب مباحا. وفي هذه المرحلة أيضا تطورت أدوات الإنتاج وازدهرت التجمعات السكانية, لكن الخلافات دبت بين الأبناء الذكور على ملكية أدوات الإنتاج وسيطرة الأم الكبرى واعتقدوا أن ما يحصل من مصائب سببه لعنة دم الأب المقتول, فندموا وبدأوا بالترويج لفكرة الطلب بالثأر وبدأوا بإقامة طقوس الندم على قتل الأب وتقديس دمه ومن هناك بدأت فكرة الدين وسادت الفوضى والحروب مما أضعف سلطة الإلهة الأم وقتلها وبرز شكل ثلاثي جديد هو الأب والأم والابن. حيث برز دور الملك الإله الإبن القوي كعلامة على المصالحة بين الأب والأم وظهور الدولة القوية المنظمة حيث ظهرت في هذه الفترة القوانين الناظمة للحياة مثل شريعة حمورابي 1750 ق م وأورنامو 2112 ق م. وهذه الفترة هي فترة الاندماجات الطوعية أو القسرية المبنية على القوة – صعود آلهة وسقوط أخرى/ الملك ابن الإله. ومن فائض القوة هذا نشأت الامبراطوريات وظهر الملك الإله عند الفراعنة.

ويفرد الكاتب فصلا كاملا للدولة المدنية في اليونان والديمقراطية الأثينية والمراحل التي مرت بها.

1-    الزراعية التي تميزت بتحكم العشائر الكبرى بالإنتاج والسلطة .

2-    مرحلة الإصلاحات التي قادها صولون إبن طبقة التجار .

3-    مرحلة الطغاة في فترة الاضطرابات الانتقالية التي قادتها الأرستقراطية الزراعية .

4-    المرحلة الديمقراطية.

ويرى أفلاطون أن الدولة تقوم على ثلاثة أسس: العقل - يمثله الفلاسفة والحكماء ( أو الكهنة )  , القوة – الفرسان والمحاربين الأرستقراطيين, العمل- عامة الناس والعبيد.أما أرسطو فيعتبر أن أصلح أشكال الحكم ثلاث: الملكي- الحاكم فيه فرد يحكم بموجب القانون, الأرستقراطي- بيد قلة منتخبة متميزة تحكم بموجب القانون, النظام الدستوري- وتكون السلطة فيه للأغلبية. بعد ذلك ظهرت الدولة الإمبراطورية الكونية التي قادها الاسكندر المقدوني وجعل من نفسه الها, وترسخ في تلك الدولة دور المثيولوجيا الخلاصية نتيجة تكريس شكل الانتاج القائم على قوة العبيد حيث كان للأساطير التي صاغها الفلاحون والعبيد الثوار الدور الكبير في زعزعة أو استقرار الدول القائمة. وأخيرا ظهرت روما الجمهورية بقوانينها الناظمة للحياة والدولة. وظهر فصل السلطات : الشيوخ والقناصل و محامي الشعب. ومع كثرة القلاقل والمؤامرات ظهر الامبراطور الإله كحاجة لتوحيد الامبراطورية المترامية الأطراف التي تحتوي على أجناس وديانات شتى كان الامبراطور فيها هو الإله الأكبر والأقوى مع ضمان حرية ممارسة العبادات والطقوس للجميع.

في الفصل الثامن يعرض الكاتب لممالك اليمن حيث صيغة الثالوث الإلهي – الأب والأم والأبن هي الصيغة الدينية السائدة, والعلاقة بين المعبد والقصر علاقة تبعية حيث يخضع المعبد للقصر ولكنه يدار من قبل الكهنة. وكان الملك الحميري يحكم باسم الثالوث الإلهي. ويأتي بعده الأقيال وهم سادة قبائلهم والمدن الكبرى التي يعيشون فيها وهم من يختارون الملك وإن اجتمعوا على عزله عزلوه. ثم يأتي بعد ذلك الأذواء وهم سادة العشائر أو النواحي والقرى الصغيرة. أما في ديدان ولحيان فكانت الدولة تستند على الثالوث الإلهي وكان الملك يحكم باسم الإله الحامي للقوافل (إيلاف) ويساعده مجلس الشعب (ها جبل). وعندما ضعف الملك حكم ها جبل منفردا. ومع ضعف الدول في اليمن ازدهرت مدن مثل مكة ويثرب والطائف واليمامة. وكانت هذه المدن تستند إلى تحالفات الطبقة التجارية مع طبقة الكهنوت الديني وشكلت مجالس تسمى الملأ.

جاء ازدهار مكة كمركز تجاري ديني على يد قصي بن كلاب بعد انهيار سلطة خزاعة التي كانت تستمد من الممالك العربية الجنوبية . وتروي المصادر التاريخية لجوء قصي إلى المصاهرة والخدعة للإستيلاء على مفاتيح الكعبة من أبي كبشة الخزاعي. لكن الواقع ان قصيا استعان بحلف مكون من هوازن وبني المصطلق وبني بكر وبعض بني عذره والحاكم البيزنطي للولاية العربية للتغلب على خزاعه واليمن واصبح كاهناً أكبر للكعبه وحاكماً على مكه , ثم أنشأ دار الندوه لتكون مجلس الشيوخ وإدارة المدينة وإصدار التشريعات وتقرير السياسات مع المدن والقبائيل المجاوره . وبالنسبة للآلهة فقد وضع قصي جميع ألهه العرب الشمالية والجنوبية في الكعبة وحولها وجعل هبل الاله الحامي لقريش وقام بتثبيت روابطه مع القبائل لتثيب مكانه مكه عن طريق المصاهره والاحلاف وبعقد الايلاف مع الفرس والروم والاحباش. وقد تعرضت مكه لكثير من المضايقات والغزوات لزعزعة مكانتها الدينيه والتجارية إلا أنها باءت بالفشل لقوة الآحلاف والروابط التي أقامها قصي.

أما يثرب فكانت المقر المنافس لمكة لانها كانت مركز القبائل العربية الجنوبية القوية الأوس والخزرج وكذلك قبائل اليهود، حيث كانت مركزاً زراعياً تجارياً ثقافياً كان فيها اليهود والمسحيين وكانت دار اجتماع يثرب تسمى بالسقيفه حيث يتجمع أطراف الحلف الاوس والخزرج واليهود للتداول في أمور المدينة المحتلفة . وكانت يثرب تقدس مجمع الآلهه الجنوبي : ود وسواع ويغوت ونسر والرحمان وحيمم

يعتقد الكاتب ان تكون الدولة الاسلامية مغلف بغلاف اسطوري تاريخيا لدرجة أن المتتبع للتاريخ يعتقد أن الانجازات العظيمه تمت في يقارب العشرة أعوام - من الهجرة حتى وفاة الرسول (ص) حتى ليتخل بأنها معجزة ، ولكنها معجزة صنعها الناس  بتضحيات جسيمه مالية وبدينة وكفاح عسير مستمر. ويعتقد الكاتب أن اللاحقين امتننعوا عن نبش الماضي لأن الغلاف الاسطوري هو العلم والمعرفة المراد إعادة انتاجها في العصور التالية لمواجهه الطوارىء والمحن الكبيرة سواء كانت سياسية أو اقتصادية بشكل يبتعد عن مساءلة القائمين على الأمر.

دولة الرسول في المدينة

بدأت ملامح الدولة بالتكون عن طريق ظاهرتين – الأولى – هي تغير الخطاب القرآني من خطاب عقائدي تصدى لمسالة التوحيد والشرك إلى نصوص تشريعية تنظم حياة الناس وتحل ما يطرأ من مشاكل أو معضلات فردية كانت أم جماعية لتتناسب وروح العهد الجديد دولة المؤمنين في يثرب التي تغيرت الى المدينة المنوره . والظاهره الثانية هي الصحيفة التي حددت فئات المجتمع الجديد قريش وأهل يثرب والمهاجرين عموما واليهود والنصارى حيث نظمت الامور السياسية والمالية وشؤون الحرب والسلم , حيث ظهر مصطلح الامة ليعبر من مجتمع يثرب الجديد. ومع تشريع الجهاد وبروز المهاجرين كمقاتلين عن حقوقهم التي سلبتها قريش واستمراره طيلة حياة النبي في المدينه ، أدى ذلك إلى بروز طبقة المحاربين وبخاصة القادة الذين تميزوا خلال هذه المرحله . مما حول جزءا كبيراً من المهاجرين وبعض الانصار الى ما يشبه المتطوعين المحترفين والذين سيلعبون دوراً بارزاً في مستقبل الدولة والأمة . ولعبت عدة عوامل دوراً في تغيير واقع يثرب من أهمها :-

أ – تغيير ثقافي : تعليم الصغار والكبار القراءة والكتابة وتحول المسجد إلى مدرسة ومكان اجتماع  للخطابة السياسية والدينية بالاضافة الى وظيفة العبادة الاساسية.

ب – التشريعات الجديدة : الزواج والطلاق وتشريع التعدد وخاصة بعد تشريع الجهاد وبدا توافد الغنائم وخاصة السبايا مما  وزيادة عدد الأرامل مما أدى إلى حالة من الخلخلة الاجتماعية وخاصة فيما يخص حالة النساء ، واصبح التعدد هو الأساس.

ج – تحول يثرب إلى مدينة دولة ، أصبحت وجهة المهاجرين وقاعدة الدولة التي بدأت بالتوسع بعد فتوحات الجزيزة العربية وكذلك كانت تفد إليها وقود القبائل للبيعه أو التحالف.


يحدد الكاتب مكونات الدولة المدينة الجديدة ومحيطها من خلال دراسته لسورة التوبة وموقف الاسلام او الدين من كل مكون منها لأنه يرى أن تشريعات هذه السورة كانت شديدة الحسم:

1-     المشركون: الذين مازالوا على دينهم القديم ممن لم يحاربوا الرسول ودخلوا في تخالفات معه ومع ذلك فقد نزل أمر بقتالهم حتى يسلموا ويقيموا شعائر الاسلام .

2-    الأعراب : اتسم الخطاب بالتهديد والوعيد تارة والترغيب تارة آخرى لدمجهم في الحياة الجديدة كون الاسلام دين مدني بمفاهيمه ومناهجه ونمط الحياة الذي يؤسسه. وبقيت صورة الاعراب سلبيه في القرآن الكريم , صورة تتسم بالنزاع والغدر متبوعه بالوعيد الشديد.

3-    المنافقون: هم مجموعه من أهل يثرب الذين تهددت مصالحهم ومطامحهم وانتهت بقدوم الاسلام وعلى راسهم عبدالله بن ابي سلول الخزرجي الذي كان على وشك أن يتوج ملكاً على يثرب .

4-    اليهود والنصارى : وبدأت العلاقة معهم بالحوار والمحاججه وانتهت بالقتال والحض على مقاتلتهم ليبقى الاسلام هو الدين الاوحد في جزيرة العرب

5-    الانبياء الكاذبون: وظهروا في مناطق الاستقرار الحضري القديم واعتبروا انهم ليسوا اقل من مكة ولا من سادتها مثل اليمامه ، وتم التعامل معهم بطرق مختلفة ابتداً بتخصيص جزء من اموال الصدقات لهم أو بقاءهم سادة على قبائل إلى محاربتهم أو محاصرتهم.

6-    المؤمنون وهم أ – المهاجرون  وهم الاكثرية والاكثر وعيا وتجربة وايمانا وارتباطاً بالنبي والممارسة الثورية لخلق عالم جديد. ب – الانصار وهم الذين اووا ونصروا المهاجرين واصبحت مدينتهم دار الاسلام وقاعدة الجهاد. ج- الاعراب : دخلوا الاسلام افواجا بعد الفتح (مكه) وشكلوا جماهير واسعة مسلمة بدون إيمان أكيد وكان اسلامهم نفعيا.

التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية: برزت تشكيلة جديدة ذات نمط انتاجي جديد هو النمط الاقطاعي الخراجي التجاري, وكان ذو لغة واحدة ومرجعية تشريعية وحياة اقتصادية مشتركة ودولة واحدة.

كانت غالبية المهاجرين من صغار ومتوسطي التجاروالمحاربين في اغلبهم الأعم وفئة قليلة من كبار التجار. أما الأنصار فقد كانوا أهل زراعة وتجارة بالدرجة الأولى وكان اليهود هم رأس المال المتحكم في يثرب.

أما التشريع والسياسة فقد استندت إلى:

1-    الله المشرع  ومصدر الوحي. 2- القرآن الكريم. 3- الرسول (ص) . 4- مجلس كبار الصحابة والذي يضم زعماء المهاجرين والأنصار. 5- مجلس كتبة الوحي. 6- الدعاة: مبعوثي النبي للقبائل والقرى والمحالفين لنشر الإسلام. 7- المسجد: عبادة وتعليم ومجلس سياسي واجتماعي.8- أمراء الجهاد وقادة السرايا: يختارون من كبار الصحابة الفرسان ذوي الخبرة في الحرب. 9- الأمراء والولاة والعمال.

دولة الخلافة الراشدة:

لقد وعى الصحابة أنهم بعد موت الرسول يجب أن يتدبروا أمورهم ليس بوحي السماء بل انطلاقا من واقع الأرض. ويعتقد الكاتب أن العلاقة بين الخليفة والمجتمع كانت أشبه ما تكون بالديمقراطية من حيث ابداء الرأي في الأمور العامة وفي السياسات المقررة وكان يحق للجميع محاسبة الخليفة وعماله. وكانت الحالة الأوضح فترة خلافة عمر بن الخطاب حيث استتبت الأمور وانتهت حروب الردة وتفرغ المسلمون للبناء والفتوح.

بدأت مع عمر مرحلة بناء الدولة ذات المؤسسات حيث أدخل الدواوين وعين القضاة والمحتسبين. وخرج بقرارات ثورية منها : منع استرقاق العرب, إعادة تجميع القبائل, وإخراج أتباع الديانات الأخرى من جزيرة العرب. كذلك أمسك الصحابة في المدينة ومنعهم من الانتشار في الأمصار وغير معايير العطاء بحيث أصبح المعيار هو الأسبقية في الإسلام ومنعه عن المؤلفة قلوبهم وكان التوزيع أقرب إلى المساواة منه إلى أي شيء آخر.

ويعتقد الكاتب أنه نتيجة لخوف الأرستقراطية القرشية ومن حولها من الإيلاف القديم على وضعهم السياسي والاقتصادي فقد تآمروا لقتله بيد أبي لؤلؤة الفارسي غلام المغيرة بن شعبة للتخلص من سياساته المساواتية.

حادثة السقيفة:

ظهر الانقسام واضحا جليا بين المهاجرين والأنصاربعد وفاة النبي حيث اجتمع المهاجرون في بيت فاطمة بنت النبي واتفقوا على أن تكون الخلافة في المهاجرين وفي قريش بخاصة. واجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة واتفقوا على أن تكون الخلافة فيهم واتفقو على أن تكون في سعد بن عبادة الخزرجي. ولكن تفوق المهاجرين عددا وجيش أسامة المرابط على أطراف المدينة  وتحول الأوس عن مساندة الخزرج أدى إلى مبايعة أبي بكر.

لقد استنتج الفقهاء قواعد فقهية دستورية من هذه الواقعة:

ا- الخلافة شورى.

ب- البيعة الخاصة- أهل الحل والعقد.

ج- البيعة العة العامة- في المسجد.

د- الاجماع شرط ضروري لإقامة الإمام وتأسيس الدولة.

ه- الأئمة من قريش.

و- بايع الأنصار راضين. وهذا غير صحيح بدليل عدم مبايعة سعد بن عبادة وأهله لأبي بكر وعمر من بعده وقول حسان بن ثابت شاعر الرسول:

إن الأعاريب قد عزوا وقد كثروا                        وابن الفريعة أضحى بيضة البلد.

وكان للإكراه دور في بيعة الأنصار وبعض المهاجرين. وكانت خلافة عمر بالتوصية, وأما خلافة عثمان فكانت بقرار مجلس من تبقى من المبشرين بالجنة الذين حرصوا على استبعاد علي بن أبي طالب حتى لا يستمر بسياسة المساواة التي اختطها عمر.

وقد تحول شكل الدولة من الشكل الشوري القائم على حق النقد والمحاسبة إلى شكل الدولة الملكي الوراثي القائم على إحياء التحالفات التجارية القديمة  ودفع الرشى المالية والوظيفية في عهدي معاوي ويزيد. وتحولت إلى دولة الاستبداد والتغلب والقهر في العهد المرواني ورفض النقد والمحاسبة. والأمثلة كثيرة على قتل الفقهاء المعارضين مثل عمرو المقصوص وغيلان الدمشقي وجهم بن صفوان.

مع ظهور الفرق الإسلامية ظهرت نظريات فقهية مختلفة في الدولة والإمامة:

1-    الخوارج: الخلافة مسألة دنيوية تعود إقامتها للجماعة إن رأت ضرورة لذلك. وهم يرون تولية الأفضل بغض النظر عن أصله. ومعاييرهم الإسلام والكفاءة.

2-    الشيعة: الإمامة ركن من أركان الإيمان وهي محصورة في آل بيت النبي من عقب علي – الحسن والحسين حصرا.

3-    المرجئة : السلطان من الله ولا يجوز القتال ضد الخليفة الحاكم.

4-    القدرية: قالت بإقامة الإمامة على مباديء العقل والمصالح المتبادلة والمشتركة بين المسلمين.

5-    المعتزلة: لا ضرورة ولا أمر إلهي ملزم بإقامة الدولة إن استطاع الناس تسيير أمورهم بأنفسهم.

واعتمد الأمويون على التحالفات القبلية تارة وعلى الوقيعة بين القبائل والرشى تارة أخرى لتوطيد حكمهم المرتكز على القوة الغاشمة وسيادة العنصر العربي في مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية وكذلك استخدام فقهاء من طراز المرجئة لتبرير ظلمهم وبطشهم بالناس.

وعند حلول العباسيين محل الأمويين ابتعدوا عن التحالفات القديمة واستبعدوا العرب واعتمدوا على نظرية الحق الإلهي في الحكم وأنهم ظل الله وسلطانه على الأرض واستكثروا من الموالي  والمرتزقة وأسقطوا العرب من ديوان الجند. وبدأت بعدها دوامة الحرب الأهلية في عهد المتوكل الذي استعان بالجند المرتزقة لإسقاط أخيه والحلول محله واستحدث مصطلح أهل السنة والجماعة وحدده بمن سانده من الفقهاء الأشعرية ونكب المعتزلة- الحركة القائمة على أسس عقلانية لبناء الدولة.

وكذلك تم استحداث منصبي الوزارة والحجابة  لحجب الخليفة عن الناس وتطبيق نظرية العباسييبن في الحكم- الخليفة المحجوب ظل الله على الأرض.

وفي العصر العباسي الثاني ظهر منصب السلطان- وهو منصب استحدثة الجنود المتغلبة من الترك والديلم والسلاجقة الذين استولوا على الحكم الفعلي وحولوا الخلافة إلى أمر شكلي ليس للخليفة فيه إلا ختم المراسيم التي يكتبها السلطان والدعاء له على المنابر. وفي تلك الفترة المضطربة سياسيا واقتصاديا وأمنيا بدأ ما يسمى فقه الأحكام السلطانية بالظهور لتبرير وجود هؤلاء في الحكم وبطشهم بالناس ونهبهم لأموالهم بحجج مختلفة لا مبرر لها سوى تغطية أسرافهم وتبذيرهم على ملذاتهم وشراء ذمم المتنفذيمن من العمال والبروقراطيين لضمان بقاءهم في الحكم. وقبل استعراض الآراءالسياسية  والفقهية المبررة للظلم والبطش  لا بد من استعراض سريع للنماذج التي حكمت الدولة العربية الإسلامية في العصور المختلفة:

1-    نموذج الدولة الديمقراطية الثورية وهي فترة حكم الرسول وابي بكر وعمر.

2-    نموذج الدولة الأرستقراطية القبلية العربية والديمقراطية التجارية منذ عهد عثمان وحتى نهاية العصر الأموي.

3-    الدولة الأرستقراطية الشعوبية والبيروقراطية الأممية منذ السفاح وحتى عهد المتوكل.

4-    الدولة البيروقراطية الإقطاعية العسكرية منذ المتوكل الذي استلم السلطة بمساعدة الجيش المرتزق.

يستعرض الكاتب بعض آراء السياسيين والفقهاء والأدباء:

1-    ابن المقفع في كتاب رسالة الصحابة ( طاعة الخليفة واجبة ولو جاءت مخالفة لأحكام الشريعة).

2-    الإمام أحمد بن حنبل عن الإمامة (من غلب عليهم بالسيف صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماما برا كان أو فاجرا).

3-    القاضي ابن جماعة (إن صاحب الشوكة له حق في الحكم إلى أن يقوم آخر أقوى منه وينتزع منه السلطة ويحكم بدلا منه).

4-    أبو الحسن الأشعري- مقالات الإسلاميين ( وقال قائلون السيف باطل ولو قتلت الرجال وسبيت الذرية, وأن الإمام قد يكون عادلا ويكون غير عادل وليس لنا إزالته وإن كان فاسقا, وأنكرو الخروج على السلطان وهذا قول أصحاب الحديث).

5-    ابن عبد ربه – العقد الفريد- باب السلطان ( الحاكم ظل الله على الأرض والسلطان حمى الله في بلاده وظله الممدود على عباده, إمام عادل خير من مطر وابل وإمام غشوم خير من فتنة تدوم, طاعة الأئمة من طاعة الله وعصيانهم من عصيان الله, الإمام العادل كالأب الحاني على ولده, إن كان الإمام عادلا فله الأجر وعليك الشكر وإن كان الإمام جائرا فله الوزر وعليك الصبر).

6-    الجاحظ وهو من مفكري المعتزلة وله رأي في الإمام العادل وشروط ظهوره عند شيوع الظلم –القيام على الحاكم الظالم:

أ‌-       تداعي السلطة الجائرة وانتفاض الناس عليها واتساع السخط ضدها.

ب‌-  زوال الشروط التي كانت تستدعي الاختفاء والتقية.

ت‌-  انحياز العامة إليه أو وقوفهم على الحياد.

ث‌-  عموم الظلم واتساعه ليطال غالبية الخلق.

ج‌-    التنظيم والاعداد في صفوف الخاصة والدعاية  والتحريض في صفوف العامة.

7-    الفارابي: بالغ في مثالية مدينته الفاضلة وغالى في طهر وألوهية إمامه لدرجة يستحيل إيجاد مثيل لحاكم مدينته الفاضلة.

8-    أبو العلاء المعري : كان أشد الناقمين على الظلم والعسف الذي تعرض له الناس ولم تعنه كثيرا  هوية الظالم. فالظلام سواسية في ظلمهم . وأول ما يستوقفك في لزوميات أبي العلاء هو طرحه فكرة أن الحكام ما هم إلا أجراء عند الناس – العقد الاجتماعي.

مل المقام فكم أعاشر أمة                             أمرت بغير صلاحها أمراؤها

ظلموا الرعية واستجازوا كيدها                     فعدوا مصالحها وهم أجراؤها

وقال في من ينتظرون المخلص :

          يرتجي الناس أن يقوم إمام                           ناطق في الكتيبة الخرساء

          كذب الظن لا إمام سوى                                       العقل مشيرا في صبحه والمساء


وقال في هوية الظلمة:

          عرب وعجم زائلون وكلنا                           في الظلم أهل تشابه وجناس

          لقيت من زيد وعمرو مثلما                          لاقيت من زنك ومن أشناس

وقال في الفقهاء وأصحاب المذاهب الذين برروا ظلم الحكام:

          إنما هذي المذاهب أسباب                            لجذب الدنيا إلى الرؤساء

كالذي قام بجمع الزنج بالبصرة                     والقرمطي بالإحساء


Saturday, April 27, 2013

هل العرب أمة؟



بقلم: فتح كساب

يحتار المتأمل لحال "العرب" من محيطهم الناعس إلى خليجهم النائم في وصف هذا التجمع البشري وتصنيفه.فليس فيهم ملامح الأمة العرقية ولا ملامح الدول القُطرية الوطنية. والموضوعية العلمية تقول أنهم أقرب إلى الحالة القبلية الصحراوية منهم إلى حالة الدولة مهما كان مسماها.
فالأمم تتكون غالبا من تجمعات بشرية لها أصولها العرقية والجغرافية المشتركة التي تجمعها. ثم تبدأ بصياغة تحالفاتها ووضع قوانينها التي تراعي عقليتها وبيئتها لتنظم حياتها وحاجاتها اليومية. ثم تنتقل لمرحلة صاغية أساطيرها وملاحمها وديانتها لتبرر تحالفاتها التي ستزيد لحمة أفراد مجتمعها لتكون قوية بما يكفي للصمود أمام أي عاصفة قد تتعرض لها. والأمثلة على ذلك كثيرة مثل الفراعنة وحضارات ما بين النهرين والكنعانيين وغيرهم من الشعوب أو الأمم التي صاغت أساطيرها ودولها على هذا المنوال.
ولنرجع لما يُسمّى "الحالة العربية" لنرى ما تم إنجازه في هذا السياق. كان عرب ما قبل الإسلام, من الناحية السياسية, قبائل متناحرة متعادية نتيجة لتعارض مصالحهم الاقتصادية. حيث سعى الكل للاستحواذ على ما قد يحصلون عليه من البيئة الصحراوية الجافة- والتي في الغالب لا تجود إلا بأقل القليل- وكانت هذه القبائل موزعة الولاء بين القوى العظمى في حينه- الفرس والروم. وكان عمل هذه القبائل أشبه ما يكون بعمل الدول الوظيفية أو مجموعات المرتزقة، مثل حماية الطرق والقوافل الخاصة بتلك الدول وتأمين جباية الضرائب لها وتأديب القبائل الصغيرة التي تتمرد على سلطانها. ولأدلل على ما أقول أكتفي بذكر التحالف الذي أقامته مجموعة من القبائل للتصدي لحملة الفرس التي جاءت لتأديب القبائل التي ساندت النعمان الثالث ملك الحيرة- الذي كان عامل كسرى- ولم تكن تلك القبائل هي جميع القبائل مجتمعة ولكنها كانت في غالبيتها من قبيلة شيبان تساندها بعض بطون بكر بن وائل. تحارب الطرفان في ما يُعرف تاريخيا باسم معركة ذي قار وانتصرت فيها القبائل المذكورة. ولكن سرعان ما انحل ذلك التحالف لأن غرضه كان آنيا وكذلك لم يتطرق أي مصدر تاريخي لمعلومة تفيد ببقائه في وقت لاحق. وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على عدم وجود فكرة الأمة أو الجماعة العرقية أصلا بين القبائل في تلك الحقبة من الزمن.
لن أتطرق في هذا النص للناحية الثقافية وذلك لأن تلك القبائل لم تكن معزولة عن العالم الخارجي، ولذلك كان لا بُد لها من تأثر ولو طفيف بمحيطها.
عند مجيء الإسلام تم توحيد تلك القبائل بالقوة لتشكل ما يمكن أن نسميه " نواة لدولة عربية دينها الإسلام". لكن ذلك لم يتم بسبب دخول الثقافات المحيطة في نسيج الدولة الوليدة، حيث كانت تلك الثقافات تسبق العرب كثيرا في جميع المجالات ما أبعد فكرة ظهور الأمة العرقية عندهم.
ورغم العالمية التي نادى بها القرآن، بقيت العقلية القبلية هي المتحكمة بالناس. ولا أدل من ذلك قول الحطيئة بعد موت النبي وتولي أبي بكر للخلافة :
أطـعنا  رسول الله مذ كان حاضرا                   فـيا لـهفتي مـا بال أبـي بـكرِ
أيـورثها بـكراً إذا مـات بـعده                    فـتلك وبـيت الله قاصمةُ الظهرِ

وفي العهد الأموي استخدم معاوية الخلافات القبلية- بين القبائل القيسية والكلبية- لتعزيز نفوذه السياسي وإحكام قبضته على كافة مفاصل الدولة ليبقى هو "شيخ القبيلة الجديدة" بلا معارض له، مما زاد في اتساع هوة الفُرقة بين المكونات العربية في الدولة الجديدة والتي كانت تصل حد الاقتتال أحيانا. واستخدم كذلك الرشى المالية والوظيفية أو التهديد والوعيد لنفس الغرض.
ورغم النهضة الإدارية الواضحة في إدارة شؤون الأقاليم، إلا أن الجانب السياسي للدولة بقي قبليا بامتياز.
لم يؤثر الإسلام فعليا على عقلية الناس ولم ينتفضوا على ظلم الأمويين الذين ملئوا الأرض جورا وظلما، بل وصل الحد بهم إلى الخضوع التام لرغبة شيخ القبيلة- أو الخليفة سيان- ورضوا بالتوريث وبايعوا ليزيد بالخلافة رغم سفهه وتاريخه الحافل بالتهتك وعدم الاكتراث لأحوال العامة من الناس. وبتلك البيعة تم القضاء على فكرة الشورى في الحكم وتكرست فكرة توريث الأبناء جريا على عادة شيوخ القبائل العربية.
بقيت الحال كذلك حتى جاء الحسين بن علي بن أبي طالب وطالَبَ بما يُسمى اليوم بالإصلاح والعدالة الاجتماعية. كان من المفترض لحركة الحسين، أو ثورته كما يحلو للبعض أن يسميها، كان من المفترض لها أن تؤسس لحالة ثورية ينتج عنها صياغة سياسية واجتماعية تؤسس لحالة قومية ثقافية يلتف حولها جميع المظلومين من القبائل العربية والشعوب الأخرى التي دخلت تحت سيطرة الدولة الإسلامية وذلك لوجود أمرين مشتركين يجمعان هذا الخليط العرقي المتنوع.
الأول هو الدين الجديد الذي دخل فيه العرب وغيرهم بحيث أصبح قاسما مشتركا.
والثاني هو حالة الظلم والاضطهاد التي أصابت جميع الفقراء من "رعايا" الدولة نتيجة حالة التسلط التي فرضتها الدولة.
وقام الحسين بن علي بالطواف على المراكز الحضرية الجديدة والقديمة في الدولة لشرح فكرته في أحقية الناس في القيام على الظلم وتغيير حياتهم للأفضل. لكنه لم ينجح في ذلك بسبب التصاق الناس برؤى شيوخ قبائلهم الذين رأوا أن مصالحهم السياسية والاقتصادية مع السلطة القائمة. أضف إلى ذلك شدة البطش والأموال التي ضختها الدولة الأموية تجاه الرموز الدينية التي استطاعت السيطرة على عقول الناس وجعلتهم يقفون مع الظالم ضد المظلوم – أو من يُطالِب برفع الظلم عنهم. وهذه من المفارقات العجيبة التي تحتاج لدراسة متأنية من مختصين وذلك لشدة تناقضها.
كان للصورة الملحمية الرائعة التي دفع فيها الحسين وأهله وأصحابه دماءهم خدمة للمشروع التنويري الذي بدؤوه وصمدوا من أجله، كان له وقع الصاعقة على الجميع وكان يُفترض بتلك الملحمة الإنسانية البديعة أن تكون البداية للتأسيس لقاسم مشترك جديد، ألا وهو القاسم الثقافي الملحمي الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى خلق الدولة الأمة بدلا من الدولة القبيلة. لكن تَدَخُلَ الدولة بشقيها المالي المتمثل بالرشى، والديني المتمثل بتقديم التأويل التحريفي لفهم الدين، أدى إلى خلق حالة عدائية لكل ما هو إنساني يعزز حالة الثورة ضد الظلم والطغيان.
وعادت من جديد حالة التنافس القبلي بين الأمويين والهاشميين، وهذه المرة باسم الدين أيضا ومطالبة بالثأر لدم الحسين. وكاد هذا التناحر أن يطيح بالدولة بكل مكوناتها دون اكتراث من أي من الطرفين إلا للمحافظة على كرسي مشيخة القبيلة من جهة أو الحصول على ذلك الكرسي من الجهة المقابلة. وكان إفراز ذلك الصراع الدولة العباسية التي بدأت عصرها كسابقتها بالبطش والإقصاء. وكان أول شيوخ القبيلة الجدد يُكنى "السفّاح"!! ثم جاء من جاء بعد ذلك من سلاجقة ومماليك وأتراك واستخدموا أساليب كل سابقيهم لتكريس شرعيتهم، وأهم تلك الأدوات المال وفقهاء التلفيق لتكريس الجهل والرضا بالواقع المرير.
استمر الحال على هذا النحو حتى تململ العرب- رعايا دولة الخلافة العثمانية- من الظلم والبطش وحالة الجهل التي عاشتها المنطقة قرونا طويلة. وهذه المرة أيضا ثاروا على " خليفة الله في أرضه !!" باسم الدين وأعلنوا عليه الجهاد. لكن حصل أمر غاية في الغرابة والعجب. فقد تحالفت النخب العربية المسلمة!! مع البريطانيين والفرنسيين " الفرنجة الحاقدين!!" ضد دولتهم. وتم كشف أمرهم وتعليق مشانقهم لأنهم تخابروا مع قوى أجنبية كما قالت الدولة العثمانية في حينه. لكن العرب احتفوا بهم وأطلقوا عليهم لقب "أحرار العرب". كيف يُعقل ذلك؟ هل التخلص من مُستَعمر أو طاغية يبيح "للثائر" أن يتحالف مع مُستَعمر آخر ويعمل جاسوسا له لإحلال استعمار محل استعمار؟ وهل يُسمى عمل كهذا تحررا ومن ماتوا في سياق هذا المشروع أحرارا؟
وحتى نكون أقرب للموضوعية فإن المعارضات التي ظهرت من ما قبل الإسلام حتى وقتنا الحاضر لم تكن قريبة يوما من فكرة العدالة وقبول المعارضة. وكانت تُدير هيئاتها بنفس العقلية القبلية التي تدير بها السلطة الدولة. فهي لم تكن أحسن حالا من النظم الحاكمة ولذلك لم تحز على ثقة الناس لتسير خلفها وتُساندها لأنهم يعرفون إلى ما ستؤول إليه الأمور. فرغم حالة التطور العقلي الهائلة التي كان عليها المعتزلة إلا أنهم تحالفوا مع سلطة المأمون وفرضوا رؤيتهم على مناوئيهم بقوة الحديد والنار فيما عُرِف تاريخيا بمحنة خلق القرآن. وما استفراد جهة دون الآخرين بالحكم في دول ما يُسمى بالربيع العربي في حاضرنا إلا دليل واضح فاضح على العقلية القبلية المتخلفة. فمن المعروف والبديهي أنه إذا حصلت ثورة ضد نظام حاكم في بلد ما ونجحت أن تقوم جميع أطراف المعارضة بالحكم معا في الفترة الانتقالية وذلك لصياغة حياة سياسية جديدة للإسراع بالوصول إلى حالة استقرار تضمن المحافظة على أرواح الناس ومُقدرات البلد. لكن لو تتبعنا ما حدث فعليا نرى العكس تماما.   
ماذا حلَّ بتونس ومصر بعد ثورتيهما؟. ألم يبدأ الإسلاميون حكمهم بالتفرد والإقصاء والبطش لمن ساندوهم يوما ما؟  ألم يتحالفوا مع المشروع الأمريكي الصهيوني للوصول للسلطة؟ - غساسنة ومناذرة القرن الحادي والعشرين!! ألم يسلِّموا كل مقدرات دولهم- كغيرهم ممن لم يصل التغيير إليهم- إلى صندوق النقد الدولي الخادم الأمين للرأسمالية المتوحشة؟  ألا يجتمع من يسمون أنفسهم ثوار سوريا بكل أطيافهم المذهبية والسياسية بالسر والعلن مع الصهاينة والأمريكيين وأذنابهم من شيوخ البوادي والحضر للحصول على المال والسلاح خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني؟ ألا يتنافس الإسلاميون والعلمانيون في سوريا على إرسال رسائل تطمين للكيان الصهيوني في سبيل الوصول للسلطة مهما كلف الثمن؟ إنها عقلية الارتزاق المتجذرة منذ الغساسنة والمناذرة إذا.
إن ما يحدث من تكريس لمثل هذا النهج المتخلف سيؤخر بكل تأكيد عملية الوصول لدولة مدنية متحضرة تكفل للجميع حقوقهم وتكافؤ فرصهم في كافة المجالات جاعلة من المواطنة عنوانا للعمل والانجاز وستبقى الدول العربية مُلقاة خارج حيز الزمان والمكان لأن أصدق توصيف ينطبق عليها أنها بنى ما قبل الدولة.
وبعد ألا يدل كل ما ذُكِر آنفا على عدم وجود شيء إسمه القومية أو القُطرية في حياتنا؟ بل إنه يدل على أنه حتى القُطرية لم تتجذر حتى الآن بين من يقطنون هذه الجغرافيا البائسة. فكيف نتجرأ ونتشدق بوجود حالة قومية. ما زال المُعارِض والموالي والحاكم يعمل بعقلية شيخ القبيلة.

13/04/2013